المشاركات

رحلة العودة ٢ سيؤن

صورة
  بعد العودة من مطار سيؤن بخُفيّ حُنين ، لا سفر ولا نقود ، رجعتُ الى فندق الطويلة لا ألوي على شئ ، افكر في الخروج من هذا المحك . السلام عليكم اخي أحمد .(موظف استقبال في الفندق) رد: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ، خيرٌ ، ألم تسافر ؟! قلت : بلى.  وطلبت منه خدمة ، بأن يأخذَ تذكرة السفر ويعطني عوضها نقدا ويطالب بها هو لاحقا من المطار .فوافق مشكورا ،  الناسُ أخْيَافٌ وشَتّى في الشِّيَمِ . خرجت الى محطة سيارات الأجرة (الفرزة) سيؤن تريم  ومنها الى الغيضة ( المهرة) وقف اربعة رجال ممن كانوا معي في المطار ، اثنان منهما من ساحل حضرموت ، ومن الشحر بالتحديد ، وهما شابين في مقتبل العمر،  وآخَرِان من شمال اليمن لباسهم  معروف وان كان لا يناسب حرارة ولهيب صيف وادي حضرموت  الجاف. وصلنا الى تريم ونتظرنا على الطريق الخارج من تريم الى قرى ظاهرة  ممتدّة على طول الطريق شرقاً (القوز ، قاهر ، القرية، عِينات،قَسْم ، السوم). حانت الساعة الثانية بعد الظهر ، انتظار ثم انتظار ، اعيائنا التعب وكتوينا باللهب ، وبينما نحن كذلك تاتي شاحنة  ١٠ طن، محملة فوق طاقتِها القصوى بأسطوانات الغاز ( غاز الطبخ) ، قال ا

رحلة العودة ح١ صنعاء

صورة
صنعاء. افقتُ وقد اباحَ الصباحٌ بسرّهِ ، قاصدا  وزارة التعليم العالي ، لأجل إعتماد شهادة البكالوريوس التربوي من جامعة حضرموت في العاصمة صنعاء.  ظننتُ بأني أول من استيقظ في ذلك الصباح ، واذا بالحياة قد دَبّتْ بهمَّةٍ ونشاطٍ وكأننا في منتصف النهار.  الجو مشرق صافٍ ، ورغم شروق الشمسِ إلا أنه لا زالت برودة المساء باسطةٌ هيبتها على العاصمة صنعاء ، ولا غرابة إذ إنها على ارتفاع ٢٣٠٠م عن مستوى سطح البحر . قطعت مايقرب ٥٠٠ مترا مشيا على الاقدام كي أصل الى الشارع الرئيسي من حي التلفزيون ، من هناك تستطيع ان تشتمَّ رائحة فول البرعي المميز تفوح ومن هنا رائحة شواء الذرة الشامية على الجمر ( يعرف ب الرومي ) الشوارع ممتلئة بانواع مختلفة  من المركبات ، صغيرها وكبيرها ، جديدها وقديمها ، فلا تناسق بينها ، بعضها  كأنها هيكلٌ عظمي قد صُوِرَ بلأشعة السينية. تقف حافلة قديمة (ميكروباص وتسمى الدباب) وينادى احدهم : الستين الستين.  ويقصد شارع الستين او الشارع الدائري لا اذكر الان . يتوافد الركابُ واحد تلو الاخر،  صعد معنا رجل قصير  القامة عراقيُ* الملاح يمني الاصل ، بدينٌ الجسمِ ، مهندمٌ ببنطالٍ ومعطفٍ ورابطة ع

يوميات معلم (يوم الزينة)

صورة
  يوميات معلم    ( يوم الزينة ) روى لي هذه القصة رجل سليم الضمير ، ذى باطن أصفى من الماء النمير ، انه معلم الأجيال صاحب ابتسامة الرضا ، كلامه يُعَدّ ، وصمته كالرد  ، كثير التواجد والحضور لا يُذكَر  أن حلَّ مكانه معلم احتياط ، ذو باع طويل في التعليم والتدريس ربى على ثلاثة عقود ،  تواضعه جم وخلقه عم ، يقول الشاعر :      تَوَاضَعْ تكنْ كالبدرِ لاحَ لناظرٍ                       على صفحاتِ الماءِ وهو رَفيعُ     ولا تكُ كالدخانِ يعلو تَجَبُّراً                         على طبقاتِ الجَوِّ وهو وَضيعُ إنه أبو عبدالله ، شيخ المعلمين وإمامهم ، كيف لا وقد دَلَفَ (سار به العمر) بين تلاميذه وطلابه زمنا طويل فاق فيه كل الزملاء ، فخاض الغِمار وانتزعَ الثِمار ، ولازال شعلة تتقد ، أسال الله العظيم أن يوفقه في كل  خير يسلكه ، قال لي : انفض اجتماع الهيئة التدريسية ، وتم الإتفاق على إقامة حفل تكريم لِأوائلِ الطلبة والمعلمين بمناسبة انتهاء العام الدراسي. وزِّعَتْ المهام وجُمِعَ المال ، لِشراء الجوائز والهدايا. أجرى مدير المدرسة اتصالا  نسَّقَ فيه  مع راعي الحفل الذي سيكون الحفل على شرفه . _ سأل احده

يوميات معلم (التمساح )

صورة
    يوميات معلم ( التمساح) إن الحياةَ المدرسيةِ مرسمٌ ، تَرسَمُ فيه مستقبلك ومعملٌ تُشكِلُ فيه شخصيتك ، بالرغم بما فيها من ضُرُوب و وأختلاف ، فهي  مجتمع مصغر بما تحويه الكلمة من معنى ،  هناك الفقير والغني ، والضعيف والقوي ، المثابر والمشاكس ، الذكي والغبي ، المهرج والجاد ، ولأجل هذه المقدمة قصة و رواية.. دق جرس إنتهاء الإستراحة , وعلى كل طالبٍ في الساحةِ والممرات ومنافذ البيع التوجه إلى الصفوف مباشرة ، والا طار زمن المخصص للحصة الخامسة ، ولذا على المعلمين والمناوبين بالذات ، الانتشارُ والمُلاحَقَةُ  في استعجالِ دخول الطلبة ، الذين لا زال بعضهم في نشوةِ اللعب يسرحون ويمرحون ، وصار الأمر معتاداً كما يقال(روتيني) ، ولكن  الغريب ولغيرَ معتاد ، هو ذلك الشاب الذي يتباطأ في مشيته ، وكأن الامرُ لا يعنيه ، فقلت في نفسي سأتولى امره واجْعَلَهُ يُسرع الخُطَّى ، اذا لم يسعَ سعيا ،  فهذا أول تعين لي في هذه المدرسة ، اقتربت منه ودفعته دفعا يسيرا على كتفه أن امشِ ولا تعقبْ ، ولكن لم يحدث من ذلك شئٌ ، بل وقف وقال :  (لا تدف) اي لا  تدفع ، ونظرَ الي نظرةٍ ، جعلتني افكر واراجع حساباتي وضربتُ  اخماسا ل

يوميات معلم    (ابتسامة جافة )

صورة
  توافدَ الطلابُ على المدرسة صباحا من كل حدبٍ وصوب ، فرادى وجماعات ، فمنهم المترجّلُ ومنهم الراكبُ. وهناك من يراقب القادمين ، يقف على المدخل الرئيسي ، يحث السير بصمته ، ويضفي صرامةٍ و حزمٍ في صباح جديد ويوم دراسي يُرتجى منه الجد والإجتهاد. اقبلَ  الطالب (ع)  مع أولُ الداخلين ،  كتبه بين يديه ، لُفتْ بشريط اشبه بالحزام ،  استوقفه المعلم _ المراقب على المدخل الرئيسي _  دون غيره قائلا : ايه انت ! اين كتبك؟ . وقف الطالب ونظر من حوله وقال : انا ؟! _المعلم: نعم ، انت . اين كتبك ؟! _ الطالب : هذه بين يدي . _ المعلم : اهذه كتب ! يبدو أنها ليس ليوم دراسي كامل ، هذه تلاثة كتب ، اين البقية ؟ وقبل ان يرد الطالب مجددا ، يقاطعه المعلم بقوله : اذهب من أمامي ، اكمل الطالب دربه دون ان يبرر موقفه ، فهو المعلم ، ولذا يقول شوقي : قُم لِلمُعَلِّمِ وَفِّهِ التَبجيلا                         كادَ المُعَلِّمُ أَن يَكونَ رَسولا لم يمر وقت طويل حتى جاءَ ولي امر الطالب (ع)  إلى المدرسةِ ، وسأل عن مستوى ابنه ، فوجد ذات المعلم ، اٌستُدِعىَ الإبنُ للمثولِ ، وعند الوصولِ قال المعلم :  أهذا هو أبنك ؟ للأ

يوميات معلم ... ((مجنون في المدرسة))

صورة
  يوميات معلم: محُود في المدرسة. لم يكن اليوم الدراسي كالايام المعتادة ، بالرغم من أن الطلبةَ في الحُجر الدراسية ، والمعلمين  بين تدريسٍ و مناوبةٍ وآخرين في المكاتب يتبادلون أطراف الحديث ، ويرتشِفون الشاي ، وهناك من هو منهمكٌ في تحضيره او إعداده للحصص القادمة ، لقد مرت الساعات الاولى في سكونٍ و هدوءٍ لا مثيل له . كنت من المناوبين لذلك اليوم  الذي تغير مجرَاهُ بعد الساعة العاشرة صباحا ، حينما دخل دخيلٌ بدراجته النارية  المدرسة ، وأثار الفوضى في ساحتها وارجائِها ، إنه مُحود ! وما ادراك ما مُحود ! (تصغير لاسم محمد في اللغة الشحرية). ذلك الشاب في العشرينيَّات من عمره ، يرتدي من الثياب المستهلكة ، لا تناسق بين قميصه ، وسرواله الطويل ، وقبعته ، البتة . مُحود كثيرُ الحركةِ كثير التنقل لا تكد تمر بزقاقٍ او شارعٍ عام ، او محطةٍ الا و مُحود ينطلق بدراجته النارية بشكل جنوني ، لا يراعي فيها الإشارات المرورية ولا اللوائح الإرشادية ، وكأنه ابن الجَلا وطَلاعُ الثَّنايا. وْسِمَ بالمجنونِ إلا أنه غير عدواني ولا يطلب منك سوى قرشاً واحد وينصرف ( ويقصد به ريالٌ)  ، لا أُخْفِيكم سرا ، فقد كان بار

يوميات معلم ...(( قاعة الإختبارات))

صورة
  يوميات معلم:  ( قاعة الاختبار ) وُزِعَتْ الأوراقُ  على طلبة الصف الثالث الثانوي للتعليم العام ، وعليهم  البدء في حل الامتحان من  الساعة الثامنة صباحا. القاعةُ فيها  ما  يَرْبُو على ثلاثين طالبٍ يخضعون لاجتياز هذه المرحلة ، بالإضافة إلى مراقبين اثنين عليهما التأكد من سير فترة الاختبار بطريقة  مُثْلى ، فلا حديثٌ  ولا اِلتفات. الأسئلةُ أمامهم والاقلامُ بينَ أناملهم،  ما عليهم سوى عصر أذهانهم وسبكِ إجابتهم على دفتر الإجابة. _مهمة المراقب في القاعة  هي الملاحظة ، وليس مهمته التوجيه و التحذير فهذا امرٌ مفروغٌ منه ، بل الهدوء مَطْلَبٌ أساسيٌ للممتحنين ، ومهمة المراقب الحفاظ على السكينةِ و التأكد من سلامة القاعة من اساليب الغش والخداع _ المراقب الذي كان معي في اللجنة ، مصري الجنسية رهيب البطن رحيب الصدر ، ذو فُكاهَةً ، فلا غرابةَ فأهل مصر كما يقال يتنفسون الفكاهةوالدُعابة  ت ظهر عليه علامات الصرامة والحزم ،  يكرر خطاب التحذير والتنبيه والتهديد بسحب ورقة الإجابة لِمَنِ استحق ذلك ، وهناك عرض مجانيٌّ  لمحضر الغش. حقيقةً  لا الومه فيما صدرَ عنه ، فهو معلم وهذه مهنته اعتادها ، وحرصٌ منه عل